هكذا هم الألمان!


بقلم: عبد الحفيظ محمدي علوي
هاهم الألمان يبلغون مرة أخرى المباراة النهائية لكأس العالم  و ليس بعيدا أن يعاودوا الكرة و يخطفون  لقبهم العالمي الرابع من قلب البرازيل و يؤكدون للعالم أنهم في نادي الأقوياء راسخون. فهنيئا مسبقا للمنتخب الألماني في حالة إحرازه للقب، و حتى إن أخلف الموعد فهذا لن ينسينا العرض الجميل الذي أمتع به أبناء يوخائيم لوف عشاق المستديرة في كل ربوع العالم.


مهلا! أ ليس يوخائيم لوف هذا هو ذلك الرجل الذي كان يقف سنة 2006  خلف العملاق كلينسمان؟ أليس يوخائيم لوف هذا هو من كلفه  الإتحاد الألماني لكرة القدم قبل ثماني سنوات بتدريب المنتخب الألماني "مؤقتا" ريثما يتم التعاقد مع مدرب جديد من طينة الكبار؟ نعم إنه هو! نعم إنه إبن جنوب ألمانيا الذي جاء من الظل فسلمه مسؤولو الكرة في بلاده مفاتيح حافلة "المانشافت"  التي كانت و مازالت تقلع تارة و تتعثر تارة أخرى.

كلفوه بقيادة الحافلة بعدما تأكدوا من سلامتها و جاهزيتها، سلموه حافلة من صنع ألماني متين، حافلة ذات محرك قوي رُكِّبت أجزاءها  في كواليس الفئات الصغرى  و جُرِّبت في البوندسليغا فأصبحت بعدها جاهزة لخوض كل الصعاب و التحديات. هذه هي عادة الألمان، وطنيون حتى النخاع، يحبون منتجوهم المحلي ، يصنعونه سويا ، يطورونه سويا، يُنَجِّحونه سويا، فيحتفلون في النهاية بنجاحهم سويا.

بين محطتي 2006 و 2014 سنوات  طوال عجاف لم يستطع خلالها المدرب الألماني تحقيق و لو لقب واحد ، لكنهم تركوه يواصل،  ضمير "هم" هنا يعود على اتحاد الكرة الذي دعمه و الصحافة التي أنصفته و الشعب الذي سانده و أنجيلا ميركل التي صفقت له، تركوه يواصل لأن التاريخ علم الألمان أن النجاح قد يأتي متأخرا بعض الأحيان، تركوه يواصل لأن الألمان أرادوا أن يُظهروا للعالم أن النجاح هو صبر، هو عزيمة، هو إيمان...إيمان بالقدرات الشخصية و بالكفاءة الوطنية و إيمان بأهمية الروح الجماعية. 


و حتى لو انهزمت ألمانيا اليوم في المباراة النهائية فلا أظن أن فوز أصدقاء ميسي سيكون بالسهل ، لأنهم سيواجهون منتخبا قويا و منظما يمثل أمة مهووسة بالعمل و النظام  و مسكونة بحب الوطن ، سيواجهون منتخبا استطاع أن يحافظ على توازنه و مدربه بالرغم من كل الكبوات التي مر بها طوال السنوات الفارطة، سيواجهون بشرا يعملون فيتقنون، يتعثرون فينهضون ثم يستمرون و لا يستسلمون ، يرسمون الأهداف فيحققون ... هكذا هم الألمان!